ترتفع الإنزيمات القلبية في الاحتشاء الحاد حسب الترتيب التالي:
1- التروبونينات: وهي التروبونينTوالتروبونينIالتي ترتفع بعد بدء الألم الصدري بحدود 2 إلى 3 ساعات عند 80% من المرضى، وتتأخر حتى 6 إلى 9 ساعات عند باقي المرضى. و يمكن أن يستمر ارتفاعها مدة أسبوعين بعد حدوث الأذية القلبية. وتعدّ التروبونينات حالياً الفحص المخبري الأكثر اعتماداً في تشخيص احتشاء العضلة القلبية بسبب ارتفاع كلٍٍّ من حساسيته ونوعيته بالمقارنة معCPK.
2- كرياتين الكيناز :CPKوهو الإنزيم الموجود في العضلات عموماً، ويبدأ ارتفاعه في 4 إلى 6 ساعات من بدء الاحتشاء عادة، بيد أنه لا يصل إلى الحد الأعلى من الطبيعي عند غالب المرضى حتى مرور 12 ساعة، ويصل إلى ذروة الارتفاع في 18 إلى 24 ساعة، ويعود إلى السواء في 18 إلى 24 ساعة. وليس هذا الإنزيم نوعياً للاحتشاء بسبب ارتفاعه في كثير من الحالات المرضية الأخرى مثل الرض والهرس العضلي والتهابات العضل والحثول العضلية والتهاب الدماغ وقصور الدرق والعمليات الجراحية وتناول الستاتينات والفيبرات وتناول جرعة من الكوكائين منذ مدة قصيرة.
ويفيد في الحالات المذكورة آنفاً معايرة النوعMBمن هذا الإنزيم؛ وهو المسمىCK-MBعلماً أنه يمكن أن يحصل ارتفاع حتى في هذا النوع في حالات الإِصابات العضلية الواسعة.
ولا يقتصر دور هذا الإنزيم على التشخيص فقط، وإنما يفيد في تحديد الإنذار الذي يسوء كلما زاد ارتفاعه في الاحتشاء حيث تتناسب شدة ارتفاعه وحجم الاحتشاء ومقدار الأذية القلبية. كما يفيد عيار هذا الإنزيم قبل تطبيق حالات الخثرة أو إِجراء إعادة التوعية وبعدها، إذ إن ارتفاع قيمته المصلية بعد التطبيق مباشرة بمقدار ضعفي قيمته قبل التطبيق يتماشى وحصول عود الإرواء القلبي الجيد، ويعلل ذلك بحصول تراكم للإنزيمات في منطقة الأذية القلبية خلف الشريان المسدود. فإذا ما أُعيدت التروية حصل غسيل مفاجئ مع جرف لهذه الإنزيمات المتراكمة إلى الدوران الدموي مما يرفعها على نحو أسرع من المعتاد.
3- الميوغلوبين: وهو البروتين العضلي الموجود في جميع العضلات بما فيها العضلة القلبية، ويتحرر عادة عند حدوث الأذية العضلية القلبية إلا أنه ذو حساسية أقل من التروبونين في الكشف عن الأذية القلبية مع نوعية أقل؛ إذ إنه يرتفع في كل الأذيات العضلية الهيكلية وفي استعمال الكوكائين مما قلل من استعماله على الصعيد العملي.
4- اللاكتات اللبنية :LDHوهي إنزيم غير نوعي أيضاً يرتفع في الانحلال الدموي والأورام. ويبدأ ارتفاعه بعد 10 ساعات من بداية الاحتشاء، ويصل إلى الذروة في 24 إلى 48 ساعة، ويستمر ارتفاعه مدة 6 إلى 8 أيام. وقد قل استعمال هذا الإنزيم في النواحي السريرية كثيراً في هذه الأيام. وشبيه بذلك إنزيم الأسبارتاز ترانس أمينازASTأو ما كان يسمىSGOT؛ إذ أصبح هذان الإنزيمان في عداد الطرق المهجورة في تشخيص الاحتشاء القلبي لعدم وجود فائدة سريرية منهما وقلة نوعيتهما؛ إذ إن التروبونينات ترتفع قبلهما وتنخفض بعدهما، ولا تتأثر بالأمراض العديدة غير القلبية التي يتأثر بهما هذان الإنزيمان.
1- التدبير الأولي في غرفة الإسعاف:
أ- التشخيص الأولي لاحتشاء العضلة القلبية:
- قصة ألم صدري خنَّاقي الصفات مديد.
- التبدلات التخطيطية الوصفية المذكورة آنفاً.
- ارتفاع الإنزيمات القلبية (علماً أن من الواجب عدم انتظار نتيجة التحاليل المخبرية لوضع التشخيص؛ لأن الإنزيمات القلبية بجميع أنواعها ترتفع في وقت متأخر نسبياً).
- يمكن أن يفيد صدى القلب أو تصوير التروية الومضاني - إن وجدا- في وضع التشخيص في الحالات المشتبهة أو نفيه.
ب- التحضير المبدئي للمريض في غرفة الإسعاف:
- يفتح خط وريدي بقنية وريدية ذات قياس مناسب وفي وريد جيد.
- يعطى المورفين بجرعة 4 - 8 ملغ كجرعة أولى مع جرعات إضافية 2 ملغ كل 5 دقائق حتى تحسن الألم.
- أكسجين 2 - 4 لتر/د وخصوصاً في حال ضيق النفس أو وجود علامات لقصور القلب.
- يعطى الأسبرين بجرعة 150 - 325 ملغ مضغاً (لا تعطى المركبات المغلفة معوياً).
- يجرى تقييم سريري سريع للمريض يتضمن قياس الضغط الشرياني وإصغاء الصدر.
- في بعض الحالات يمكن إعطاء حاصر بيتا وريدياً أو النترات تحت اللسان أو وريدياً؛ إذا لم يسكن الألم بإعطاء المورفين.
- يمكن أن يفيد إعطاء المهدئات أحياناً.
2- التدبير الباكر بعد القبول في المستشفى:
إن إعادة التروية القلبية بأسرع ما يمكن هو الإِجراء الأهم والأكثر فائدة في تدبير احتشاء العضلة القلبية؛ إذ إن انقطاع التروية القلبية يسبب نخراً وتموتاً غير عكوسين في الخلايا النبيلة للعضلة القلبية. وتشير الدراسات المتعددة إلى أن إعادة التروية المبكر يؤدي إلى نتائج أفضل على صعيد المضاعفات والبقيا سواءٌ على المدى القريب أم البعيد، وكذلك يؤدي إلى وظيفة بُطَين أيسر أفضل على المدى البعيد.
أ- طرق إعادة التروية:
- التوسيع البدئي: وهو الإِجراء المفضل في حال مراجعة المريض لمركز قلبي متخصص فيه مخبر قثطرة قلبية مجهز مع وجود فريق طبي ذي خبرة عالية بالتوسيع الإكليلي بحيث لا يتجاوز الزمن اللازم لفتح الشريان بالبالون بدءاً من وقت وصول المريض إلى المستشفى الـ 90 دقيقة. ويمكن أن يكون التوسيع البدئي بالبالون فقط، أو يضاف إليه وضع الشبكات الإكليلية (نتائج الشبكات أفضل من نتائج البالون بمفرده) كما هو مبين في (الشكل 16). ويفضل في هذه الحالة أيضاً إعطاء مثبطات البروتين السكريIIb/IIIaخصوصاً في حال وضع الشبكات الإكليلية.
- المعالجة بحالاّت الخثرة: تستطب هذه الأدوية في حال عدم إمكانية إِجراء التوسيع البدئي في 90 دقيقة من القدوم؛ إذا كان بدء الألم في أقل من 12 ساعة مع عدم وجود مضاد استطباب لتطبيق هذه الأدوية. كما يمكن تطبيقها حتى 24 ساعة من بدء الألم في حال استمرار الألم الصدري. وتحصل الفائدة العظمى لتطبيق حالاّت الخثرة؛ إذا حدث ذلك في 70 دقيقة من بدء الألم الصدري، ويجب ألا يتأخر تطبيق هذه الأدوية عن 30 دقيقة من قدوم المريض إلى المستشفى.
الستربتوكيناز: وهو الدواء الحالّ للخثرة الأقدم بين حالاّت الخثرة؛ بيد أنه لايزال الأكثر استعمالاً بينها في بلادنا بسبب رخص ثمنه بالمقارنة مع حالاّت الخثرة الأُخرى. ويعطى هذا الدواء عادة بجرعة 1.5 مليون وحدة تحل في 100 مل مصل سكري 5% أو مصل ملحي 0.9% ويسرّب وريدياً في 30-60 دقيقة. ويمكن أن يشارك تطبيقه بالهيبارين تسريباً وريدياً لمدة 24 - 48 ساعة. ويجب عدم وصف هذا المركّب إذا كان هناك إعطاء سابق له أو لمادة الأنيستريبلاز.
الألتيبلاز: ويعطى بمقدار بدئي 15ملغ وريدياً، ثم بجرعة تسريب وريدي 0.75ملغ/كغ في 30 دقيقة، ثم يستكمل التسريب بجرعة 0.5ملغ/كغ في 60 دقيقة بحيث لا يتجاوز مجموع الجرعة الكلية 100ملغ. ويجب مشاركة هذا المركّب بتسريب الهيبارين وريدياً لمدة 24 - 48 ساعة.
الريتيبلاز: ويعطى بجرعة 10 وحدات تحميل وريدياً، وتكرر الجرعة نفسها بعد 30 دقيقة. ويجب مشاركة هذا المركب أيضاً بتسريب الهيبارين وريدياً لمدة 24- 48 ساعة.
التينيكتيبلاز: ويعطى بجرعة تحميل وريدي مرّة واحدة فقط. وتقدر الجرعة بناءً على وزن الجسم حيث تكون 03 ملغ إذا كان الوزن أقل من 60كغ، وتكون 35ملغ إذا كان الوزن بين 60كغ وأقل من 70كغ. كما تكون 40ملغ إذا كان الوزن بين 70كغ وأقل من 80كغ. وتصبح الجرعة 45ملغ إذا كان الوزن بين 80كغ وأقل من 90كغ، في حين يعطى هذا الدواء بجرعة 50ملغ إذا كان الوزن 90كغ أو أكثر. ويجب إعطاء الهيبارين مثل ما سبقه من أدوية بالتسريب الوريدي مدة 24- 48 ساعة.
الهيبارين بالمشاركة مع حالاّت الخثرة: يستطب إعطاء الهيبارين مع حالاّت الخثرة بجرعة تحميل وريدي مبدئي تعادل 60 وحدة لكل كغ من وزن الجسم شرط أل اتتجاوز 4000 وحدة. ثم يسرب وريدياً بجرعة 12 وحدة لكل كغ من وزن الجسم بحيث لا تتجاوز الجرعة 1000 وحدة بالساعة لمدة 24- 48 ساعة. وتعدل هذه الجرعة لاحقاً بناءً على معايرة زمن الثرومبوبلاستين الجزئيaPTTبحيث يضبط هذا الزمن بحدود 50 -70 ميلي ثانية، وتجرى معايرته بعد بدء المعالجة بالهيبارين بـ 3 و 6 و 12 و 24 ساعة.
ويمكن أن يعطى الإينوكسيبارين بديلاً من الهيبارين بجرعة 1 ملغ/كغ من وزن الجسم كل 12 ساعة تحت الجلد، ولا تفيد معايرةa PTTفي هذه الحالة حيث لا حاجة لإجراء أي مراقبة للتمييع.
- سوابق سكتة دماغية نزفية المنشأ أو أي سكتة دماغية غير معروفة السبب.
- سكتة دماغية إقفارية في الأشهر الستة الماضية.
- وجود أورام أو أذية عصبية مركزية.
- وجود قصة رض كبير أو جراحة كبرى أو أذية رأس في الأسابيع الثلاثة السابقة.
- قصة نزف هضمي في الشهر الماضي.
- وجود أحد الاضطرابات النزفية المعروفة عند المريض.
- تسلخ الأبهر.
- قصة نشبة إقفارية عابرة في الأشهر الستة الماضية.
- معالجة بمضادات التخثر الفموية.
- الحمل أو أن تكون المريضة في الأسبوع الأول التالي للولادة.
- وجود طعنة في مكان غير قابل للضغط.
- وجود إنعاش قلبي رئوي راضّ.
- ارتفاع الضغط الشرياني المعنِّد (الانقباضي أكثر من 180 ملم زئبق).
- الأمراض الكبدية المتقدمة.
- التهاب الشغاف الجرثومي.
- القرحة الهضمية الفعالة.
يستطب تصوير الشرايين الإكليلية مع إِجراء التوسيع الإكليلي إسعافياً إذا استمر الألم بعد تطبيق حالاّت الخثرة، وهو ما يسمى بالتوسيع الإكليلي الإنقاذي. ويكون هذا الاستطباب إسعافياً أيضاً عند تكرر الاحتشاء في أثناء الوجود في المستشفى، أو عودة الألم الصدري الخنَّاقي للظهور، أو في حال حدوث صدمة قلبية أو وجود اضطراب هيموديناميكي.
أما في حال زوال الألم بعد تطبيق حالاّت الخثرة فيستطب إِجراء التصوير الإكليلي على نحو انتقائي مع التشديد على هذا الاستطباب حين وجود علامات لنقص تروية مرافقة تخطيطياً أو سريرياً أو كان الجزء المقذوف أقل من 40% أو ترافقت الحالة بوجود لا نظميات قلبية أو كان المريض سكرياً.
أما إذا كان الاحتشاء صغيراً وكانت وظيفة البُطَين الأيسر جيدة مع غياب ما ذكر سابقاً؛ فيمكن إِجراء اختبار الجهد بعد ستة أسابيع؛ إذ تصوّر الشرايين الإكليلية في هذه الحالة إذا كانت نتيجة الاختبار إيجابية أو مشتبهة.
المعالجات الأخرى التي يجب إعطاؤها في الطور الحاد:
1- الأسبرين: يعطى بجرعة 150-325 ملغ كل 24 ساعة بحيث تكون الجرعة الأولى مضغاً مع تجنب المستحضرات المغلفة معوياً.
2- حاصرات بيتا: مثل الميتوبرولول الذي يعطى باكراً وريدياً ثم فموياً؛ إذ تشير الدراسات إلى أن إعطاء حاصرات بيتا باكراً في الاحتشاء الحاد يقلل من امتداد رقعة الاحتشاء بسبب تقليل استهلاك الأكسجين؛ مما يحسن من الإنذار القريب والبعيد. أما في حال الخوف من عدم تحمل حاصرات بيتا فيمكن أن يعطى الإيزمولول، وهو حاصر بيتا وريدي ذو نصف عمر قصير جداً إذ يزول تأثيره فور إيقاف تسريبه.
3- مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين: ويفضل إعطاؤها في الـ 24 ساعة الأولى من الاحتشاء، ويجب الاستمرار بها مبدئياً لمدة ستة أسابيع على الأقل، ويقيَّم البُطَين الأيسر بالصدى بعدها. فإذا كان الجزء المقذوف أقل من 40% وجب الاستمرار بالمعالجة بها. ويؤخر إعطاؤها في حال هبوط الضغط أو نقص الحجم أو القصور الكلوي. ومن الناحية السريرية يعطى الكابتوبريل بجرعة 6.25 ملغ، ويقاس الضغط بعد ساعة من الإعطاء. فإذا لم يهبط الضغط الشرياني هبوطاً مهماً يكرر الإعطاء، ثم تضاعف الجرعة ، أما إذا هبط الضغط بعد الإعطاء الأول فيعمد عندها إلى ملء السرير الوعائي بالسوائل إذا كان الوضع السريري يسمح بذلك.
4- الكلوبيدوغريل: يجب إعطاؤه في الحالة الحادة بجرعة 300 ملغ (4 حبات). أما إذا كانت المعالجة بالتوسيع البدئي هي المعالجة المختارة لإعادة التروية فيعطى بجرعة 600 ملغ (8 حبات).
5- النترات: يستطب إعطاؤها في حال بقاء الألم الصدري أو ارتفاع الضغط الشرياني أو وجود علامات قصور القلب.
6- يسرب الأنسولين وريدياً في حال وجود ارتفاع في سكر الدم.
7- هناك بعض الأدوية التي كان يُعتَقَد سابقاً أن لها فائدة في الاحتشاء الحاد والتي أثبتت الدراسات الكبيرة فيما بعد عدم جدواها إلا في حالات خاصة وهي:
- حاصرات قُنَيّات الكلسيوم: تزيد مركبات الديهيدروبيريدين مثل النيفيديبين من نسبة الوفيات إذا أُعطيت في الفترة حول الاحتشاء، أما الديلتيازيم فلم تثبت فائدته إلا إذا كان الاحتشاء دون ارتفاع الوصلةST(والفائدة في هذه الحالة أقل من فائدة حاصرات بيتا).
- المغنزيوم: لم تثبت الدراسات فائدته في الفترة حول الاحتشاء، ولا حاجة لتعويضه إلا في حال وجود اضطراب نظم قلبي يترافقه نقص التركيز المصلي لهذا العنصر حيث يستطب إبقاء تركيزه المصلي فوق 2 ميلي مكافئ/لتر.
- الليدوكائين: على الرغم من أن بعض الدراسات بينت أن إعطاء الليدوكائين وقائياً أنقص من نسبة حدوث الرجفان البُطَيني، فقد أدى إعطاؤه إلى رفع نسبة الوفيات عند هؤلاء المرضى، ويستطب إعطاؤه فقط في حال حدوث تسرع بُطَيني أو خوارج بطينية متعددة تؤثر في الاستقرار الهيموديناميكي.
"