من الطبيعي العودة في بعض الأحيان للتأكّد من أنّ المكواة غير متصلة أو أنّ السيارة مغلقة، ولكن إذا كان الشخص يُعاني من اضطراب الوسواس القهري (بالإنجليزية: (Obsessive-compulsive disorder (OCD)، فإنّ الأفكار الهوسية والسلوكيات القهرية تُصبح مستنزفة للشخص لدرجة أنّها تؤثر في طبيعة حياته اليومية، وقد يبدو أنّه لا يوجد مفر من الهواجس والوساوس النفسية، وحتى وإن باءت الطرق التي يُحاول بها الشخص هزم هذه الوساوس بالفشل، إلا أنّ هناك العديد من أساليب واستراتيجياتالعلاجوالمساعدة الذاتية التي تُمكّن الشخص من التحرر من الأفكار غير المرغوب فيها، واستعادة السيطرة على حياته، ويُعرَّف اضطراب الوسواس القهري على أنَّه أحد اضطرابات القلق التي يُعاني فيها الشخص من أفكار لا يُمكن السيطرة عليها، وسلوكيات متكررة تُشعِر الشخص أنَّه مضطر لأدائها، ومن المحتمل أن يكون الشخص الذي يُعاني منالوسواس القهريمدركاً أنّ أفكاره الهوسية وسلوكياته القهرية غير عقلانية، لكنّه رغم ذلك يشعر بأنّه غير قادر على مقاومتها والتحرر منها، وتجدر الإشارة إلى أنَّ الوسواس القهري يؤدي إلى إصابةالدماغبفكرة أو نداء معين؛ فعلى سبيل المثال، قد يتحقق الشخص من الموقد 20 مرة للتأكد من إيقافه فعلياً، وقد يغسل الشخص يديه مراراً و تكراراً لينظّفها وبشكل مبالغ فيه يصل أحياناً إلى حدّ تقشّر الجلد، وعلى الرغم من أنَّه لا يستمد أي شعور بالسرور من أداء هذه السلوكيات المتكررة، إلا أنّها قد تُوفّر بعض الراحة من القلق الناتج عن الأفكار الهوسية، وقد يُحاول البعض تجنّب المواقف التي تؤدي إلى تفاقم الأعراض، وقد يُصبح إدمان شربالكحولوتعاطي المخدّرات جزءاً من طقوس بعض المرضى.
من الجدير بالذكر أنّه حتى عندما تسير الأمور بشكل جيد، فإن الوسواس القهري يُمكن أن يختطف يوم المصاب، حيث إنَّ كلاًّ من الأفكار الهوسية، والسلوكيات القهرية، والقلق الذي يُصاحبها يُمكن أن يستنزف وقت وطاقة الشخص بشكل كبير، وعلى الرغم من أنّ العلاج بالأدوية والعلاج النفسيّ هما الطريقتان الرئيسيتان لعلاج هذه الحالة مدى الحياة، إلا أنّ الرعاية الذاتية تعدّ طريقة مفيدة جداً في السيطرة على مشكلة الوسواس القهري. وفيما يأتي بيان أهمّ العلاجات الدوائية والنفسية، وأبرز أساليب الرعاية الذاتية لمُصابي الوسواس القهري.
تجدر الإشارة إلى ضرورة مراجعة الطبيب إذا كان الشخص يعتقد أنَّه يُعاني من الوسواس القهري، وعادةً ما يتمّ علاج اضطراب الوسواس القهري باستخدام بعض الأدوية مثل: مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (بالإنجليزية: Selective serotonin reuptake inhibitors)، أو العلاج النفسي مثلالعلاج السلوكي المعرفي(بالإنجليزية: (Cognitive behavioural therapy (CBT)، أو كلاهما، وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض الأشخاص الذين يُعانون من الوسواس القهري يجدون أنَّ العلاج المعرفي السلوكي مفيدٌ جداً لهم؛ لأنّ هذا النوع من العلاج يُعلَّم الشخص كيفية التفكير بطريقة مختلفة تجاه هواجسه ووساوسه النفسية، ممّا يساعده على التغلب على هذه الأفكار والسلوكيات غير المرغوب فيها
فيما يأتي بيان العلاجات غير الدوائية وأهمّ أساليب الرعاية الذاتية التي تُساهم في التخلص من وساوس النفس:
من الجدير بالذكر أنَّ سبب الوسواس القهري غير معروف، ويبدو أنَّه ينتقل بين العائلة الواحدة، وقد تكون هناك عوامل بيئية ذات صلة أيضاً بحدوث الوسواس القهري. وفي معظم الأحيان، تظهر أعراض الوسواس القهري قبل سن 25 عاماً، وتجدر الإشارة إلى أنّ الشخص الذي يُعاني من الوسواس القهري يكون أكثر عرضةً لخطر الإصابة باضطرابات القلق الأخرى مثل:الاكتئاب(بالإنجليزية: Depression)، واضطراب القلق الاجتماعي أوالرهاب الاجتماعي(بالإنجليزية: Social anxiety disorder). وقد بيّنت بعض الدراسات التي أُجريت على أدمغة الأشخاص الذين يُعانون من الوسواس القهري وأدمغة الأشخاص الذين ليس لديهم الوسواس القهري، وجود فرقٍ في نمط عمل وأنشطة الدماغ في كلا الحالتين. ووفقاً لكلية الطب فيجامعة هارفاردفإنّ ما يقرب من 10% من المرضى المُصابين بالوسواس القهري يتعافون تماماً، وحوالي نصف المرضى يظهرون بعض التحسّن، عند الخضوع للعلاج النفسي، والتعديل السلوكي، والعلاج الدوائي.
"