مرض إنفصام الشَّخصيَّة Schizophrenia هو مرض نفسي مزمن يصيب المخ، ويؤثر على طريقة تفكير وتصرُّف المريض. غالبًا ما يطرأ تغيُّر حاد على المصابين مما يؤثر على العديد من جوانب الحياة مثل الجوانب الإجتماعيَّة والمهنيَّة. رغم تسمية المرض بهذا الإسم إلاَّ أنَّه وعلى عكس ما هو شائع فللمريض لا يوجد أكثر من شخصيَّة إنَّما شخصيَّة واحدة لا تملك القدرة على التمييز بين ما هو واقع وبين ما هو خيالي أثناء النَّوبة التي تسمى بالذُّهان (Psychosis) والتي خلالها ينعزل الشخص عن الواقع ويبدأ بتخيُّل أصوات، مشاهد، أحساسيس أو أفكار غير موجودة في الحقيقة.
تختلف حدَّة المرض من شخص لآخر فقد يتعرَّض المريض لنوبات ذهان قلَّة خلال حياته بينما يتعرَّض آخر لنوبات عديدة في السنَّة الواحدة. بين النَّوبات يكون المريض أقرب إلى الواقع وعادةً يكون مدركًا لمرضه. لكن لا يستعيد صحتِّه كما كانت قبل المرض حيث يفقد الكثير من المهارات الذهنيَّة والحركيَّة. يمكن القول أنَّ حالة المرضى تسوء خلال حياتهم بشكلٍ عام.
يختلف المرض بحدًّته من مريضٍ لآخر، فهناك مرضى يحيون حياة تقترب لحياة طبيعيَّة، يمارسون خلالها حياة إجتماعيَّة ومهنيَّة بقدر إستطاعتهم، بينما هناك آخرون يعيشون كافَّة وقتهم منفصلين عن الحياة الحقيقيَّة ويفشلون في العيش بشكل طبيعي.
يُعتبر مرض إنفصام الشَّخصيَّة مرضًا مزمن، خلاله تحدث نوبات الذُّهان (Psychosis) والتي فيها ينفصل الشخص عن الواقع وتتهيَّأ له أفكار وأمور غير موجودة حقًّا. خلال هذه النوبات لا يعِي الشخص أنَّ ما يفكر فيه هو خاطئ، ويكون غير مدرك لمرضه.
يختلف عدد النَّوبات من مريضٍ لآخر، لكن بشكلٍ عام حالة المريض الصحيَّة تسوء مع مرور الوقت.
يمكن تقسيم العوارض إلى أربعة أقسام رئيسيَّة :
العوارض الإيجابيَّة (Positive)، أهمُّها :
العوارض السَّلبيَّة (Negative) :
العوارض المعرفيَّة (Cognitive) :
العوارض العاطفيَّة (Affective) :
هناك عوارض أخرى :
ليس هناك أسباب واضحة للإصابة بمرض إنفصام الشَّخصية لكن هناك عوامل خطر معروفة تزيد من فرص الإصابة بالمرض أهمُّها :
- جينيَّة : إذا كان هناك مريض في العائلة ذو قرابة من الدَّرجة الأولى فإنَّ فرص الإصابة بالمرض تصل ل %10. إذا كان أحد توائم متطابقين مُصاب بالمرض فإنَّ فرص الإصابة للتوأم الآخر قد تتعدّى ال %50. رغم ذلك لا يوجد جين واحد مسؤول عن المرض بل يُعتقد أنَّ المرض ينبع من مشاكل في عدد من الجينات التي تؤثر على تطوُّر المخ، أو تؤثر على كميَّة الناقلات العصبيَّة (Neurotransmitter) فيه فمثلاً يُعرف أنَّ المرضى يعانون من إفراز كميَّة كبيرة من مادَّة الدوبامين (Dopamine) في دماغهم.
- يُعتقد أنَّ التعرُّض لضغوطات في الحياة يزيد من فرص الإصابة بالمرض.
هناك 5 أنواع رئيسيَّة لمرض الذُّهان :
بعض الأمثلة لأفكار وأعمال مرضى إنفصام الشَّخصيَّة :
- قد يعتقد المريض أنَّه نبي بل ويعتقد بأنَّه يسمع الله يكلِّمه.
- قد يعتقد المريض أنَّ قوى خارجيَّة تتحكَّم بأفكاره ويمكنها قرائتها.
- سماع أصوات تتحدَّث للمريض أو تجادله.
- قد يعتقد المريض أنَّ أشخاصًا يلاحقونه ويبغون قتله.
- قد يعتقد المريض أنَّ زوجته تخونه وتريد التخلص منه.
ليس هناك أي فحص مخبري أو تصويري لتشخيص المرض، فالتشخيص يعتمد على مقابلة المريض وتوجيه الأسئلة له ولعائلته بهدف إستنباط الصفات التي تميز هؤلاء المرضى. عادةً يبدأ الإنتباه لحالة المرضى من قبل عائلتهم أو الناس المحيطة بهم، حيث يلاحظون تصرفاتهم الغريبة فيقومون بزيارة الطبيب العام الذي يوجههم إلى طبيب نفسي الذي يمتلك الخبرة في تشخيص هذه الحالات.
لكي يتم تشخيص المرض يتوجَّب توفر ثلاثة شروط :
هناك حالات نفسيَّة تشبه مرض إنفصام الشخصيَّة وقد يُشخص المريض بشكل خاطئ بالإنفصام أهمُّها :
للأسف الشَّديد مرض إنفصام الشَّخصيَّة هو مرض مزمن لا يمكن الشفاء منه إلا أنَّ هناك علاج ناجح في السَّيطرة على عوارض المرض في أغلب الأحيان. ألعلاج الأساسي للمرض هو الدَّواء.
على المريض تناول الدَّواء مدى الحياة مما يقلل عدد نوبات الذُّهان وفي كثير من المرضى يمنعها بشكل تام. يجب رفع جرعة الدَّواء عندما يتعرَّض المريض لنوبة ذهان. غالبيَّة المرضى يمكنهم العيش في البيت والإنخراط في الحياة بشكلٍ أو بآخر تحت تأثير الدَّواء إلا أنَّ هناك قلَّة من المرضى لا ينجح الدَّواء بالسَّيطرة على مرضهم ويضطرون إلى المكوث في مؤسسات نفسيَّة خاصَّة.
تُعرف الأدوية التي تُستعمل لهذه الحالات بمضادَّات الذهان (Antipsychotic) مثل دواء الهاليدول (Halidol) والذي يعمل على تقليل مادَّة الدوبامين (Dopamine) في المخ. هذه الأدوية تحمل أعراضًا جانبيَّة عدَّة أهمُّها الرُّعاش (Tremor)، وتصلُّب العضلات وغيرها من مشاكل الحركة التي تشبه مرض الباركينسون (Parkinson) وهي تساعد في الأساس على تخفيف العوارض الإيجابيَّة وليس السلبيَّة.
هناك دور جديد من هذه الأدوية يُسمَّى بمضادات الذُّهان غير النموذجيَّة (Atypical)، وهي فعَّالة ضد العوارض الإيجابيَّة والسلبيَّة إلأ أنَّها تحمل عوارض جانبيَّة أخرى مثل إرتفاع السُّكر والكولسترول في الدَّم كما وتؤدي إلى زيادة الوزن.
يبدأ مفعول الدوَّاء حوالي 2-4 أسابيع منذ بدأ تناوله ومن البالغ في الأهميَّة الدَّوام على أخذه بالوقت والكميَّة اللازمة. ويمنع إيقاف تناول الدَّواء بشكلٍ حاد لأنَّ الأمر قد يؤدّي إلى حدوث نوبة ذهان، على المريض أنّ يقلل تدريجيًّا جرعة الدَّواء إذا هدف إلى إيقافه وطبعًا تحت إشراف الطَّبيب فقط.
غالبًا ما يحتاج المرضى لأدوية أخرى مثل أدوية مضادَّة للإكتئاب والخوف، وأدوية لعلاج العوارض التي تسببها مضادَّات الذُّهان.
بالإضافة إلى الأدوية هناك طرق علاج مساعدة لهؤلاء المرضى أهمُّها :
"