كليات الإلهيات في تركيا.
تعتبر اللغة العربية فرعا من اللغات السامية القديمة القليلة التي بقيت منتشرة حتى يومنا و قاومت الاندثار بفعل عوامل كثيرة، وتعتبر اللغة العربية اللغة المحورية في الدين الإسلامي، الذي هو محوريّ بدوره في تشكيل ثقافة شعوب إسلامية مختلفة، كما و تعطي اللغة العربية صفة اللغة الرسمية للعالم الإسلامي ككل.
وهذا الارتباط باللغة العربية تتردد أصداؤه بقوة في بلاد الأناضول، وثمة مجموعة من المؤسسات التي تقوم على تعليم العربية في تركيا منها، إن لم تكن أهمها، كليات الإلهيات أو (الشريعة).
اما فيما يتعلق بتاريخ هذه الكليات فقد افتتحت أولى كليات الإلهيات في أنقرة 1949م. وبدءاً من العام الدراسي 1959-1960م تم افتتاح مجموعة من المعاهد العالية الإسلامية، التي كانت تستقبل الطلاب المتخرجين في ثانويات الأئمة والخطباء (الثانويات الشرعية)، وكانت الدراسة فيها تستمر لأربع
سنوات حولت إلى خمس بعد انقلاب 1981م،
uلى أن تكون السنة الأولى تحضيرية. وكانت سنة 1983م مفصلية في تاريخ كليات الإلهيات؛ إذ صدر فيها قرار بتحويل هذه المعاهد إلى كليات تلحق بالجامعات الموجودة في مدنها، كما أكد بعض المتخصصين في هذا المجال.
وقد كانت السنة التحضيرية مخصصة لتعلم اللغة العربية، ثم ما لبث هذا النظام أن تغير، فألغيت السنة التحضيرية وتوزعت مواد اللغة العربية على السنوات الدراسية الأربع.
وقد بين الدكتور'' يالار '' المتخصص في الإلهيات أن عدد هذه الكليات شهد زيادة مطردة في السنوات الأخيرة؛ فبعدما كان عددها لا يتجاوز كليتين حتى أواخر السبعينات "فقد بلغ 12 حتى نهاية الثمانينات، وفي 2009 بلغ عددها 25، أما في مطلع العام الدراسي 2013-2014 فقد ناهز عددها المئة". ورافق ذلك بالطبع زيادة مشابهة في عدد الطلاب؛ فبعد أن كان عدد الطلاب الملتحقين بها سنة 2009 يبلغ 6730، فقد "ناهز عددهم في العام الدراسي 2013-2014 قرابة 15100".
- حضور العربية في النظام التعليمي في الإلهيات:
تتألف سنوات الدراسة في أغلب هذه الكليات من خمس سنوات؛ تخصص الأولى لدراسة اللغة العربية فقط، وفي الأربع الباقيات يكون للغة العربية وجودها أيضاً بجانب مواد التخصص على الشكل الآتي:
"عدد الحصص في المرحلة الأولى يتراوح بين 24-26 حصة في الأسبوع، كلها باللغة العربية، توزع على الشكل الآتي:
10 حصص للقواعد.
10 حصص للقراءة وفهم المقروء والترجمة.
4 حصص للتعبيرين الكتابي والشفهي.
حصتان للصوتيات.
وتدرّس البلاغة العربية في الصف الأوّل ومادة اللغة العربية وآدابها في الصفّ الثاني كلّ منهما بواقع حصتين في الأسبوع إجبارياً وهناك دروس عربية اختيارية في السنوات التالية مثل النصوص الأدبية التراثية ولغة الإعلام والمحادثة والبلاغة، وخلال السنوات الأكاديمية التي تلي السنة التمهيدية لا بد من إلقاء الدروس الشرعية كدروس علوم الحديث والتفسير والفقه، باللغة العربية بنسبة لا تقل عن 30 في المئة من إجمالي الدروس".
وهناك على الأقل كلية إلهيات واحدة تدرس مناهجها كاملة باللغة العربية، وثمة كليات تقيم امتحانات، يسافر الناجحون فيها إلى العالم العربي لقضاء فصل دراسي واحد، أو دراسة العربية في فصل الصيف، في بلدان عربية مختلفة.
وقد أفاد الدكتور يالار أن الهدف أن يتعلم الطلاب المهارات الأربعة (القراءة، الكتابة، الاستماع، الكتابة) بالدرجة نفسها، كما أن "اللغة المستخدمة في الدروس هي اللغة الفصحى، مبتعدين تماماً عن الكلمات العامية أو الدارجة في الكتب الدراسية وفي الدروس، إلى جانب تعليم اللغة العربية تعليماً صحيحاً سليماً، ضمن إطار منهج علمي؛ لتمكين خريجيها من معرفة اللغة وآدابها والثقافة العربية قديماً وحديثاً ''. و إذا أردنا أن نقيم هذه التجربة فيمكننا أن نقول أنها تجربة لا بأس بها" و قال البروفسور يالار، مضيفاً: "لكن لا بد للأساتذة أن يعملوا على تحسين مستواهم، وإن كان هناك بالتأكيد من نبغ منهم. كما يجب على الطلاب أن يدركوا أن الفرص التي تتوافر لهم لم تتوافر للأجيال التي سبقتهم، وأن يحسنوا استغلالها"، كما أن الجيل الجديد "مبشر وواعد، ويمنحنا الأمل".
"أما مستقبل تعليم اللغة العربية في البلاد فهذه مسألة تتعلق بسياسة الدولة، ففي الفترة بين 1930-1949م، ونتيجة السياسات التي كانت متبعة لتتريك المجتمع، تم إقصاء اللغات غير التركية وتهميشها، بما فيها لغات المجموعات العرقية غير التركية في البلاد، أما الوضع الراهن فإيجابي ويدعو إلى التفاؤل ''.