لعلك تساءلت عما إذا كانت أحلامك تخدم أي غرض محدد. ما مغزى أن تحلم بوصولك إلى حفل التخرج مرتديًا ملابسك الرسمية, أو أن سلحفاة ضخمة تطاردك في شوارع باريس؟
هؤلاء الذين يعتقدون بأهمية الأحلام, وهؤلاء الذين لا يرون لها أهمية مطلقًا. ويستقي الفريق الأول أفكاره من آراء "سيجموند فرويد" الذي زعم عام 1900 أن الأحلام هي تمثيل ذو مغزى للعقل الباطن تتجلى فيه صراعاتنا, ورغباتنا, ومخاوفنا الخفية ولو كانت في شكل مُقنَّع. ولقد قام الباحثون والمحللون النفسيون الذين خلفوا "فرويد" بالبناء على أفكاره وتنقيحها حيث ركزوا على مساعدة الأحلام على تنظيم الفكر, ودعم وتعزيز الذاكرة طويلة الأجل.
أما الباحثون الآخرون الذين تبنوا منهجًا فسيولوجيًا تجاه الأحلام فتساورهم الشكوك. فهم يزعمون أن الأحلام تتجاوز كونها مجرد محاولة العقل نسج مغزى بناء على الإشارات الكيميائية العشوائية المرسلة من جذع المخ. ويشير هذا الفريق أيضًا إلى أننا لا نتذكر سوى نسبة بسيطة جدًا من أحلامنا؛ ولو كانت ذات أهمية, لكنا تذكرنا نسبة أكبر منها.
وتمزج الأبحاث الحالية التي تجري على الأحلام سمات من المنهجين الفسيولوجي والكيميائي العصبي. فقد لاحظت إحدى الدراسات, على سبيل المثال, أن المرضى الذين نجحوا من إصابات وجروح في الفص الأمامي من المخ (لا في جذع المخ) فقدوا قدرتهم على الأحلام. وهذا يدلل على أن أجزاء أخرى من المخ خلاف جذع المخ. خاصة تلك المناطق التي تقع في مقدمة المخ المتصلة بالحوافز, والدوافع, والشهوات. قد تكون مسئولة عن توليد الأحلام, ولقد عزز هذا التوجه من فكرة إعادة النظر في نظرية فرويد القائلة بأن الأحلام ربما تمثل نافذة لمشاعر المرء.
ومن الواضح أن الأحلام ذات صلة بالذاكرة والتعلم, ومن ثم فإن لها وظيفة مفيدة وضرورية. ومن المفترض أن تقدم لنا الأبحاث في القرون القادمة أفكارًا متعمقة حول السبب وراء أننا نحلم والدور الذي من الممكن أن تلعبه هذه الأحلام في الحفاظ على صحتنا العقلية.
وعادة ما يقضي الكبار ما يقرب من 20% من فترة نومهم في فترات ممتدة تصل كل منها إلى نصف الساعة من نوم الموجات البطيئة, بيد أن هذا النوم من النوم يتقلص بشكل كبير في أغلب الأشخاص الذين يتجاوزون الخامسة والستين من العمر. وعندما يحصل شخص محروم من النوم على قسط منه, فإنه يمر بمراحل النوم الأبسط بسرعة وصولاً إلى المراحل العمق, ويمضي فترة أطول في النوم العميق مما يوحي بأن نوم الموجات البطيئة هو القسم المجدد للنشاط الذي يحتاج إليه المرء لكي يشعر بالانتعاش.
"